في
الوقت الذي يعاني فيه عالم رياضة المحركات بشكل عام من ظاهرة انسحاب الفرق
من المنافسات، فإن ثمة ظاهرة مقابلة تتمثل في سعي دول عدة ومن مختلف أقطار
العالم إلى بناء حلبات قادرة على استضافة إحدى جولات بطولة العالم لسباقات
سيارات الفورمولا وان.
وخلال السنوات العشر الأخيرة، وباستثناء
دخول سباقي تركيا وفالنسيا "الأوروبيين" إلى روزنامة البطولة، فإن
البريطاني بيرني إيكليستون، مالك الحقوق التجارية للسباقات، مال ناحية نقل
المنافسات إلى خارج "القارة العجوز" عبر تنظيم جولات منها في البحرين وأبو
ظبي (ابتداء من 2009) وماليزيا وسنغافورة والصين، مع تسجيل اقتراب كل من
كوريا الجنوبية والهند من تنظيم أحد السباقات في المستقبل القريب.
غير
أن إيكليستون نفسه يعي تماماً أن أوروبا تشكل عصب البطولة وأنه لا بد من
استضافتها نصف عدد السباقات المدرجة في "روزنامته" كحد أدنى، لذا بدأ قبل
فترة في السعي إلى إقامة عدد من الجولات في القارة نفسها وتحديداً في
حلبات جديدة تمهيداً لحلولها مكان حلبات "تاريخية" بعضها جرد من حق
الاستضافة وبعضها يعاني فقدان هذا الحق، وأبرزها في فرنسا وألمانيا
وبريطانيا.
ففي فرنسا مثلاً، ثمة أحاديث عن بناء حلبة في ضواحي
العاصمة باريس غير أنها لن تكون جاهزة لاستضافة أحد السباقات قبل 2011
بحسب الجدول الموضوع، ومن المقرر أن تأخذ دور حلبة "مانيي كور" الشهيرة.
كما
أن ألمانيا تعاني خطر سحب سباق جائزة هوكنهايم الكبرى منها، فيما لم تعد
حلبة نوربورغرينغ قادرة على تمويل سباقها إلا مرة واحدة كل عامين، ولا شك
في أن هذا الواقع الجديد سيحذف جائزتها الكبرى من الروزنامة في حال أصر
إيكليستون على تنظيم الحدث سنوياً.
من جهتها، ستحتضن حلبة
سيلفرستون مجدداً أحد سباقات "موتو جي بي" (بطولة العالم للدراجات
النارية) اعتباراً من 2010 ولمدة خمس سنوات بدلاً من جائزة بريطانيا
الكبرى للفورمولا وان التي ستنتقل إلى حلبة دونينغتون.
والجدير
ذكره أن القيمين على حلبة دونينغتون، التي ستستضيف السباق البريطاني
ابتداء من 2010 أيضاً، تحتاج إلى 110 ملايين يورو في سبيل عملية تجهيز
الحلبة بحسب ما أعلن مالكها سايمون جيليت الذي قال: "سيضعنا هذا الأمر في
مصاف الحلبات العالمية الكبرى، تماماً كما هو حال حلبة البحرين".
ويأمل جيليت في أن ينجح في جمع المبلغ الكبير في أسرع وقت ممكن من أجل أن تنتهي الأعمال في الحلبة قبل تموز/يوليو 2010.
وكانت
"دونينغتون" حصلت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي على حق استضافة جائزة
بريطانيا على حساب "سيلفرستون" التي احتضنت السباق ابتداء من عام 1987.
وسيتم تشييد مبنى جديد للحظائر في "دونينغتون" دون أن يتم إقفال الحلبة لأنها تستضيف حالياً جائزة بريطانيا الكبرى للدراجات النارية.
وبدأت الأعمال بالفعل اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر المنصرم تحت إشراف المصمم الألماني الشهير هيرمان تيلكه.
من جهته، أشار الاتحاد البلغاري للسيارات أن بلاده مهتمة بتنظيم إحدى جولات بطولة العالم لسباقات الفئة الأولى في المستقبل القريب.
وتقدم
الاتحاد، بحسب ما ذكر رئيسه بوغدان نيكولوف، بخطة لنظيره الدولي (فيا) في
كانون الأول/ديسمبر الماضي تتمثل في بناء حلبة للسباقات في بلدة "بليفن"
شمال البلاد.
وتأمل بلغاريا، التي ستستضيف إحدى جولات بطولة
العالم للراليات عام 2010، في أن تصبح جاهزة لتنظيم أحد سباقات بطولة
العالم للـ"موتو جي بي" أيضاً في2011.
إيطاليا قد تشهد حلبة شارع في روما
حتى في إيطاليا فإن ثمة سعي حثيث لاستضافة سباق جائزة كبرى في العاصمة روما ابتداء من 2011.
وأشار
القيمون على رياضة المحركات في البلاد إلى أن دخول روما روزنامة بطولة
العالم لا يعني بأي حال من الأحوال حذف سباق مونزا "التاريخي"، وقال رئيس
نادي السيارات الإيطالي إنريكو غيلبي أنه اطلع على المشروع مؤكداً أن
الأخير لا يمكن أن يوضع على طاولة الاتحاد الدولي إلا بعد موافقة المرجع
المحلي، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الساعة.
ورأى رئيس شركة
فيراري لوكا دي مونتيزيمولو أن فكرة إقامة سباق في العاصمة الإيطالية لا
يمكن أخذه على محل الجد إلا في حال تقرر تنظيمه على "حلبة شوارع" داخل
المدينة وليس داخل حلبة مقفلة نظراً لوجود الكثير من الحلبات في البلاد.
وبدا
البريطاني ماكس موزلي، رئيس الاتحاد الدولي للسيارات، غير متحمس جداً
للفكرة وقال: "سأكون متفاجئاً في حال أقيم سباق في روما. أدرك حجم
المصاريف التي يتكلفها تنظيم سباق شوارع في مونتي كارلو مثلاً. كما أن
لإيطاليا الكثير من الحلبات المقفلة. على العموم، إنها مشكلة إيكليستون،
وليست مشكلتي".
ولا شك في أن فكرة استضافة روما لأحد السباقات
اتخذت بعداً جدياً إضافياً تمثل في حضور تيلكه، مصمم أشهر الحلبات في
العالم، إلى روما خلال الأسبوع الماضي، إلا أن صحيفة "لا غازيتا ديللو
سبورت" المحلية أشارت إلى أن تواجد تيلكه لم يتم بموافقة إيكليستون، مشيرة
في الوقت نفسه إلى أن تكلفة تجهيز حلبة الشوارع المزعومة تصل إلى حوالي50
مليون يورو.
وفي حال قدر لروما دخول الروزنامة العالمية، فإن
جائزتها الكبرى ستكون الرابعة التي تنظم في الشوارع إلى جانب فالنسيا
وسنغافورة وموناكو مع العلم أن البلد الوحيد الذي يستضيف سباقين ضمن بطولة
2009 هو إسبانيا (برشلونة في 10 أيار/مايو وفالنسيا في 23 آب/أغسطس).
وكانت إيطاليا تستضيف سباقين ضمن البطولة وذلك في كل من مونزا وإيمولا قبل أن يجري إقصاء الأخيرة عام 2006.
ونبقى
في أوروبا حيث أبدى إيكليستون اهتماماً في إعادة البرتغال إلى الروزنامة
الرسمية للبطولة بعد أن بات للبلاد حلبة سباق تقع في مدينة "الغارفي".
معلوم
أن سباق جائزة البرتغال الكبرى نظم على حلبة إستوريل بين عامي 1984 و1996
ضمن البطولة وكان يتمتع بشعبية كبيرة ويعتبر ملاذاً ممتعاً للفرق
والسائقين على حد سواء.
ولم تكتف حلبة إستوريل خلال تلك الفترة باستضافة السباق بل أصبحت المفضلة لإجراء الاختبارات خلال فصل الشتاء.
ونظراً إلى فقدانها المعايير اللازمة للتنظيم، قرر إيكليستون إقصاء البرتغال من الروزنامة عام 1997.
محطات أخرى جديدة في آسيا
في آسيا، يبدو أن الهند حصلت على ضوء أخضر نهائي ورسمي من إيكليستون لاستضافة أحد السباقات في نيودلهي ابتداء من 2011.
وبدأت
الأعمال في الحلبة المزمعة في تشرين الأول/أكتوبر 2008 إلا أنها توقفت،
وأشار إيكليستون إلى أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى ضرورة الانتهاء من
توقيع العقود المرتبطة بعملية البناء.
ومن المتوقع أن تعود عجلة الأعمال إلى الدوران خلال الصيف القادم على أن تنتهي عام 2010.
ونبقى
في آسيا حيث أعلن القيمون على جائزة سنغافورة الكبرى، المرحلة الخامسة
عشرة من بطولة العام الماضي والتي شكلت أول سباق ليلي في تاريخ الفئة
الأولى، أن تعديلات طفيفة سيتم إدخالها على الحلبة لزيادة احتمالات
التجاوز بين السائقين وتحسين ظروف السلامة.
القارة السمراء قد تعود لخارطة بطولة العالم
أشارت تقارير صحفية إلى أن
شركة "غوتنغ موتور سبورت كومباني (جي إم إس سي)" الجنوب إفريقية تأسست
حديثاً بهدف إعادة الفورمولا وان إلى البلاد، وتحديداً إلى العاصمة
جوهانسبورغ.
ويتوقع أن يجري ترميم حلبة "كيالامي" التي استضافت
للمرة الأخيرة أحد سباقات البطولة عام 2003، وتوقع القيمون على المشروع
قدرة البلاد على تنظيم الحدث قبل 2010.
وعلم أيضاً أن تيلكه تواجد
في جنوب إفريقيا في الأشهر الماضية وأمضى فيها ثلاثة أيام وترافق ذلك مع
تقارير تحدثت عن شروعه في وضع تصميم أولي للحلبة.